ذكر تقرير نشرته صحيفة “بيلد” الألمانية، أمس الخميس، أنه “منذ العام 2014، تمت إحالة أكثر من خمسة آلاف بلاغ من قبل المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين إلى الشرطة الجنائية الاتحاية، للتحقيق مع ملتمسي لجوء يشتبه فيهم كمجرمي حرب. والمعنيون لاجئون من سورية والعراق، فيما لم تقم الأجهزة الأمنية سوى بمقاربة 129 ملفاً فقط، ما أثار اللغط مجدداً حول هذا الملف بتعقيداته وخلفياته في الوسطين السياسي والإعلامي في البلاد”.
وعلى وقع هذه الأرقام ورعونة تعاطي السلطات المعنية معها، شرحت تقارير إعلامية كيفية تلقي السلطات الألمانية الأدلة حول جرائم الحرب، وما هي أنواع هذه الجرائم المعاقب عليها وفق القانون الدولي، إلى سبل التدقيق في المعلومة وصعوبة الوصول إلى نتائج تخدم القضية بغياب الدليل القاطع والمعقد في أكثر الأحيان حول الجرائم المرتكبة.
وأوردت شبكة “ايه آر دي أن” أنه “من بين النصوص المجرمة وفق القانون الدولي، الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، بما في ذلك القتل المتعمد لمدنيين والسجناء ومنع وصول المساعدات الإنسانية”، لافتة إلى أن القانون الجنائي الدولي يسمح للقضاء الألماني بمعاقبة بعض الجرائم التي ترتكب في الخارج، ولمن هم من غير الألمان.
من جهة أخرى، أفادت الشبكة بأن الإشارات أو المعلومات التي تتلقاها السلطات حول هؤلاء الأشخاص، والذين شاركوا في عمليات القتال والتعذيب، تصل غالبيتها عبر المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، ويحدث أن يبلغ طالب اللجوء عن معلومات وجرائم خطيرة، إلا أن غالبية الأدلة المتعلقة بالتعذيب والإرهابيين والمليشيات والمسؤولين، تكون حول أشخاص لا يزالون يقيمون في بلدهم الأصلي. وعن الملاحظات الإضافية التي توضع على هكذا نوع من الملفات بعد تحويلها، يجري العمل عليها من قبل الشرطة الجنائية الاتحادية للتحقق من هذه المعلومات وما إذا كانت هناك مؤشرات على حصول جريمة، ليصار إلى إجراء تحقيق أولي، ثم يمكن الاستماع إلى الشهود.
وفي هذا الإطار، فإن التحقيقات ترتكز على المسح الأولي للاجئين الواردة أسماؤهم، والاستماع إلى إفادة الشهود، للإجابة على بعض الأسئلة، وعما إذا كان شاهد عيان متأكداً مما يتحدث عنه من أعمال تعذيب أو اغتصاب أو قتل أو سوء معاملة، والإجابة بنعم تعتبر “تلميحاً” وكمجرد إشارة إلى شاهد أو ضحية، فيما ذكرت “زود دويتشه تسايتونغ” إلى أن التلميحات العديدة تقسم بدورها إلى فئات عدة.
وتشمل الفئة الأولى بهذا الخصوص، إشارات خاصة لمرتكبي جرائم الحرب في أوروبا أو ألمانيا، حيث يمكن للمحققين في الشرطة الجنائية التصرف فوراً، وإفادة المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين والمكتب المركزي لمكافحة جرائم الحرب بموجب القانون الدولي. أما الفئة الثانية فتكون عند ذكر اللاجئ لأسماء، ولكن من دون تحديد أي ادعاأت محددة. وهناك فئة ثالثة، عندما يكون هناك ادعاأت ملموسة إنما من دون أسماء أو أمور أخرى، كأن يذكر الشاهد الفظائع التي ترتكب في سورية والعراق من دون الإشارة إلى الأشخاص الذين يقيمون حالياً في ألمانيا.
إلى ذلك، بيّنت الصحيفة أن عدة ادعاأت تَصعب مقاضاتها، وأن إشارات قليلة حتى الآن أدت الى إجراأت أولية، من جهة لأن الأعباء كبيرة على الشرطة، كما أنه توجد اتهامات باطلة وأدلة بالغة الصعوبة في كثيرٍ من الأحيان للجرائم المرتكبة في الخارج، كما أن بعض القرائن لا يمكن أن تحرز تقدماً في التحقيقات، علماً أن المعلومات تمّ جمعها إلكترونياً وستستمر في استخدامها في التحقيقات الجارية. وقالت الصحيفة أن كل هذا لا يعني أن مجرمي الحرب الذين بدأوا حياة جديدة بهويات مزيفة، لن يخشوا المقاضاة في المستقبل.
وكان وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر نفى تجاهل السلطات الأمنية آلاف البلاغات عن مجرمي حرب من أصحاب طالبي اللجوء، معلناً عن إجراء تحقيق في الأسباب الكامنة وراء عدم تعامل بمسؤولية من قبل الشرطة مع الآلاف من البلاغات عن ملتمس اللجوء من مجرمي الحرب، والتي لم تفض منذ العام 2014 إلا إلى متابعة سوى 129 حالة، بعدما تم تجاهل الكثير من الأدلة.
Leave a Reply