مجزرة نيوزيلندا.. تحذيرات بألمانيا من إرهاب محتمل ضد المسلمين

هيمنت المجزرة التي وقعت بمسجدين في مدينة كرايست تشيرتش النيوزيلندية أثناء صلاة الجمعة الماضية على فعاليتين شهدتهما العاصمة الألمانية برلين عصر أمس السبت، حيث ندد آلاف المشاركين فيهما بالهجوم الإرهابي الذي خلف خمسين قتيلا وعشرات الجرحى من المسلمين.

وألقت مذبحة المسجدين بظلالها على مظاهرة جابت وسط برلين إحياء لليوم العالمي لمناهضة العنصرية، وحملت هذه المظاهرة -التي جرت في جوّ ماطر- عنوان “مسيرة ضد العنصرية”، وشارك فيها أكثر من 2500 شخص، يتقدمهم ممثلون لأحزاب الاشتراكي الديمقراطي والخضر واليسار وعن النقابات، فضلا عن عدد كبير من المسلمين.

واستهل المشاركون في المظاهرة -التي نُظم مثلها في 27 مدينة ألمانية- بالوقوف دقيقة صمت تأبينا لضحايا مجزرة المسجدين، وذكر رينيه باولوكات -أحد المنظمين- في كلمته بربط الأسترالي برينتون تارانت منفذ المجزرة نفسه بالتيارات اليمينية المتطرفة في أوروبا، وأضاف باولوكات أن السياسيين اليمينيين المتطرفين بألمانيا يتحملون بخطابهم التحريضي ضد اللاجئين المسؤولية عن انتشار كراهية الأجانب والعنف.

بديل لألمانيا
وهاجم المتحدثون في المظاهرة حزب “بديل لألمانيا” اليميني المعادي للمهاجرين والإسلام، الذين وصفوا الحزب بأنه وعاء لتيارات اليمين المتطرف في البلاد، إذ قالت ممثلة اتحاد مناهضة العنصرية إرمغارد فورداك إن صعود الحزب اليميني حرف العمل السياسي باتجاه أقصى اليمين، وزاد العداء العنصري وكراهية الأجانب والعنف اليميني ببرلين وعموم ألمانيا، وشجع الحركات العنصرية واليمينية والفاشية في أماكن مختلفة.

وبموازاة المظاهرة، أقام عشرات الشباب الأتراك صلاة الغائب على أرواح ضحايا مذبحة كرايست تشيرتش أمام بوابة براندنبورغ التاريخية بالعاصمة الألمانية، وكانت خطب الجمعة في معظم مساجد برلين ربطت بين مجزرة المسجدين وتنامي أجواء العداء للإسلام، والتحريض ضد المسلمين في المجتمعات الغربية.

وعلى صعيد ردود الأفعال السياسية، وصف الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير الهجوم على المصلين بنيوزيلندا بالاعتداء الجبان، واعتبرت المستشارة أنجيلا ميركل ووزير خارجيتها هايكو ماس المجزرة اعتداء على المسلمين وعلى المجتمع المنفتح والمتسامح في نيوزيلندا.

وقالت رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي أندريا ناليس “الذين يعتدون على المسلمين إنهم يعتدون علينا جميعا”.

وصرحت سوسن شبلي وزيرة الدولة للعلاقات الدولية بالحكومة المحلية لولاية برلين (وزيرة مسلمة) بأن من سقطوا في كرايست تشيرتش ليسوا ضحايا لقاتل واحد فقط، بل ضحايا للدعاية الموجهة ضد الإسلام والمسلمين في العالم.

مشاعر مختلطة
وأثار الهجوم الإرهابي في نيوزيلندا مشاعر اختلطت فيها الصدمة بالخوف وسط مسلمي ألمانيا، المقدرين بنحو خمسة ملايين نسمة، إذ دعا رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أيمن مزايك الأجهزة الأمنية بالبلاد إلى أخذ التهديدات المرتبطة بتنامي اليمين المتطرف على محمل الجد أكثر من ذي قبل.

وقال مزايك في مقابلة مع شبكة الإعلام الألمانية إن حدوث اعتداء على المساجد بألمانيا مماثل لما وقع في نيوزيلندا لن يكون مستبعدا إذا سمحت الدولة بانتشار الشبكات اليمينية المتطرفة، وطالب بزيادة الحماية الأمنية المخصصة للمساجد لمواجهة الاعتداءات المتزايدة ضدها، وأوضح أنه سجل ما يزيد على عشرين هجوما على مؤسسات إسلامية منذ بداية العام.

وفي السياق نفسه، طالبت ممثلة حزب اليسار المعارض بلجنة الداخلية في البرلمان الألماني مارتينا رينر بوضع الأشخاص والمؤسسات الذين تلقوا تهديدات أو وضعوا على قوائم استهداف يمينية متطرفة تحت حماية أمنية كاملة.

تهوين الخطر
وانتقدت رينر في مقابلة صحفية تهوين الأجهزة الأمنية خطورة الإرهاب اليميني، واعتباره ظاهرة تتعلق بجرائم لأفراد مشوشي التفكير، وأوضحت أن الاعتداءات وجرائم القتل العنصرية التي خططت لها منظمات النازيين الجدد أسفرت عن أكبر عدد من الضحايا في تاريخ ألمانيا الحديثة.

ورأت ممثلة حزب الخضر المعارض بلجنة الداخلية بالبرلمان الألماني إيرينا ميهاليتش أن استهداف مسلمي ألمانيا بنحو ألف جريمة ذات دوافع سياسية يفرض على الأجهزة الأمنية التعامل بجدية شديدة مع التهديدات اليمينية المحتملة لهذه الأقلية، وفرض رقابة محكمة على التيارات اليمينية المتطرفة التي تنمو شبكاتها.

المصدر : الجزيرة

Advertisements

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.


*